تحذير خبراء الصحة من مخاطر الأجهزة الإلكترونية على صحة الأطفال يثير قلق الأسر

أثار استشاري مخ وأعصاب الأطفال الدكتور هشام الضلعان اهتمامًا واسعًا بعد حديثه حول العلاقة بين استخدام الأجهزة الإلكترونية وإصابة الأطفال باضطراب التوحد، حيث أكد أن الادعاءات المتعلقة بتسببها المباشر في هذا الاضطراب تفتقد للدقة العلمية، في المقابل أوضح أن التأثيرات النفسية والسلوكية الناتجة عن الاستخدام المفرط للأجهزة لا يمكن إنكارها.
الأجهزة الذكية وعلاقتها باضطراب التوحد
خلال حلوله ضيفًا على برنامج “في الصورة” أوضح الدكتور الضلعان أن الأجهزة الإلكترونية لا تعتبر سببًا مباشرًا لمرض التوحد، حيث أشار إلى أن الاضطراب يرتبط أساسًا بعوامل وراثية وبيولوجية معقدة لا علاقة لها بالاستخدام التقني، لكنه حذّر من أن الإفراط في استخدام الشاشات يصنع عزلة اجتماعية حقيقية عند الأطفال، لذلك قد تظهر عليهم أعراض تشبه إلى حد كبير سلوكيات اضطراب التوحد.
المخاطر التي تهدد الأطفال عند سوء استخدام الأجهزة
وشدد الضلعان على أن الطفل الذي يحمل قابلية وراثية أو استعدادًا عصبيًا قد يُصاب بأعراض مشابهة لاضطراب طيف التوحد عندما يعاني من التعرض المفرط للأجهزة الذكية، إذ يبدأ في إظهار علامات مثل ضعف التواصل البصري، وقلة التفاعل الاجتماعي، بالإضافة إلى الميل للعزلة وابتعاده عن المحيط الأسرى لفترات طويلة.
أكد الاستشاري أن المشكلة الرئيسية تكمن في سوء استخدام الأجهزة وليس في التقنية بحد ذاتها، حيث أثبتت الملاحظات أن قضاء الأطفال لساعات طويلة أمام الهواتف أو الأجهزة اللوحية يؤدي إلى ظهور سلوكيات سلبية واضحة، منها ضعف مهارات التواصل الاجتماعي، ارتفاع مشاعر الانفعال، بالإضافة إلى اضطرابات في التوازن الحركي والعاطفي.
تأثير الشاشات على نمو الدماغ وتطور المهارات
كما بيّن الدكتور الضلعان أن الأبحاث الحديثة أوضحت بأن التعرض المستمر لشاشات الأجهزة يقلل من قدرة الدماغ على معالجة الإشارات الاجتماعية، لذلك تتأثر عملية تطور اللغة ومهارات الحركة الدقيقة عند الأطفال بشكل ملحوظ، وتظهر هذه التأثيرات بوضوح في المرحلة العمرية ما بين سنتين وخمس سنوات، والتي تعد الأهم لنمو الدماغ وتعزيز مهارات التواصل.
حذّر الضلعان من مخاطر ترك الأطفال أمام الشاشات لفترات طويلة دون متابعة الأهل، مبيّنًا أن الاستخدام المفرط يسهم في رفع مستويات التوتر والاندفاعية السلوكية عند الطفل، كذلك يمكن أن يؤثر الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات في جودة النوم ويحدث اضطرابًا في إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم العميق.
ضوابط لاستخدام الشاشات والبدائل الصحية
وفي هذا السياق أكد الاستشاري على ضرورة وضع ضوابط صارمة للوقت المخصص لاستخدام الأجهزة، على ألا تتجاوز الفترة المسموح بها ساعة إلى ساعتين في اليوم وذلك للأطفال الذين تزيد أعمارهم عن ست سنوات، مع أهمية الحرص على أن يكون المحتوى المقدّم تعليميًا وتفاعليًا وتحت إشراف متواصل من الوالدين.
أشار الدكتور الضلعان إلى أن الحل الأمثل ليس بإبعاد الأجهزة الإلكترونية تمامًا عن حياة الأطفال، بل بتحقيق توازن ذكي بين التعليم والترفيه والتقنية، إلى جانب تشجيع الأبناء على مزاولة الأنشطة الواقعية مثل اللعب الجماعي والرياضة، بما يعزز مهارات التواصل لديهم ويقلل من انعزالهم النفسي بسبب الاستخدام الخاطئ للتقنية.
رسالة توعوية للأسر لحماية الأطفال
اختتم الدكتور هشام الضلعان حديثه بالتأكيد على أن الأجهزة الإلكترونية ليست بالضرورة مصدر خطر، لكن يتحتم على الأسر ممارسة دورهم في تعزيز الوعي الرقمي، فضلًا عن رقابة المحتوى والمدة الزمنية للاستخدام، ليحظى الأطفال بنمو صحي ويحميهم من التأثيرات السلوكية والعصبية الممتدة على المدى البعيد.