توصيات جديدة بشأن قوانين الزواج والطلاق في السعودية تثير نقاشا واسعا

في تحول نوعي قد يرسم ملامح جديدة للمجتمع السعودي، كشف تقرير وطني حديث عن توصيات تسعى إلى تعزيز التماسك الأسري وتطوير وسائل التواصل بين الأزواج، ومن أبرز ما جاء فيه الدعوة لإلزام مستفيدي قرض الزواج بحضور دورة تأهيلية متخصصة تُمنح للمقبلين على الزواج بهدف تعزيز التفاهم والوعي المشترك قبل بداية مرحلة الحياة الزوجية.
وأشار التقرير كذلك إلى ضرورة إخضاع الأزواج الراغبين في الطلاق لدورة تدريبية تحمل عنوان الانفصال الصحي والوالدية التشاركية، لتصبح شرطًا أساسيًا قبل إتمام الإجراءات الرسمية، لذلك تهدف هذه المبادرة إلى تقليل الآثار النفسية والاجتماعية السلبية التي قد تترتب على الأطفال بسبب الانفصال غير المنظم.
برامج توعوية لتعزيز الاستقرار الأسري
وأكدت نتائج التقرير أن تطبيق هذه البرامج من شأنه نشر ثقافة الوعي الأسري وتطوير مهارات التواصل الإيجابي لدى الوالدين، بالإضافة إلى تعزيز بيئة أكثر أمانًا واستقرارًا نفسيًا للأطفال.
دراسة وطنية تسلّط الضوء على الطفولة
أصدر مؤسسة الملك خالد البحثية هذا التقرير تحت عنوان “الجيل القادم من السعوديين: الطفولة في المملكة”، ويعد من الدراسات الوطنية الرائدة التي تناولت واقع الطفولة السعودية بعمق ودقة، مستهدفًا تمكين ما يقارب ثمانية ملايين طفل سعودي من أن يحظوا بطفولة آمنة ومستقرة تلبي تطلعات رؤية المملكة 2030 التي تركز على تنمية رأس المال البشري وبناء أسرة قوية.
العلاقة الأسرية أساس جودة الطفولة
وأكد الباحثون المشاركون في إعداد التقرير أن تحسين جودة العلاقات الأسرية هو مفتاح جودة الطفولة، مشددين في الوقت ذاته على أن دعم الأسرة والحد من التفكك الأسري يُعتبران الركيزة الأساسية لبناء جيل متماسك وسليم نفسيًا وفكريًا.
مبادرات مبتكرة لدعم الأسر والأطفال
دعا التقرير إلى توسيع برنامج “قرة” ليشمل دعم ضيافة الأطفال للطرفين معًا بدلًا من قصره على أحدهما فقط، وأوصى بإطلاق شهادة “مواءمة” للمؤسسات التي توفر بيئات عمل صديقة للأسرة بهدف تحفيز القطاع الخاص لاعتماد سياسات مرنة وأكثر دعمًا للعائلات العاملة.
الكشف الصحي المبكر وتطوير الكفاءات الوطنية
وفي جانب آخر، شدد التقرير على تكثيف الفحوصات الصحية المبكرة للأطفال في مراكز الطفولة المبكرة لاكتشاف أي مشاكل صحية أو سلوكية محتملة قد تؤثر على نموهم، كما شجع الجامعات على استحداث تخصصات حديثة مثل طب المراهقين وأخصائي حياة الطفل لتعزيز الكفاءات الوطنية في رعاية الطفولة.
دراسة ميدانية واسعة النطاق
جاءت هذه التوصيات استنادًا إلى دراسة ميدانية شاملة غطت 18 مدينة سعودية، وتم خلالها إجراء مقابلات مباشرة مع الأطفال وأولياء أمورهم، وهو ما منح التقرير مصداقية قوية وواقعية تعكس احتياجات المجتمع السعودي.
الاستثمار في الطفولة ضرورة وطنية
أوضح التقرير في نهايته أن الاستثمار في الطفولة خطوة استراتيجية لا غنى عنها من أجل بناء مجتمع قوي قادر على المنافسة مستقبلًا، مؤكدًا أن تنفيذ التوصيات المقترحة ممكن فورًا دون الحاجة لتكاليف مادية كبيرة إذا تضافرت الجهود بين القطاعين العام والخاص.
وقد لاقت هذه التوصيات تفاعلًا لافتًا بين المختصين والمهتمين بالشأن الأسري والاجتماعي في المملكة، مما يمهد الطريق نحو مستقبل أكثر توازنًا ووعيًا على الصعيد الأسري خلال الأعوام المقبلة.