حصن أثري ضخم يثير دهشة الباحثين في جبال القوقاز بتاريخه الغامض

في إنجاز أثري مثير يُضاهي قصص الأساطير، تمكن فريق من علماء الآثار من اكتشاف حصن هائل الحجم كان مخبأً وسط جبال وعرة في جنوب القوقاز، حيث تحقق هذا الإنجاز عبر الاستعانة بأحدث تقنيات الطائرات المسيّرة، لذلك كانت المفاجأة الأبرز ليست فقط في تحديد موقع الحصن بل أيضاً في اتساع مساحته التي تعادل مدينة كاملة، مما جعله واحدًا من أضخم المواقع الدفاعية التي تم رصدها في المنطقة حتى اليوم.
التقنيات الحديثة تكشف أسرار الحصن العملاق
بدأت الرحلة الأثرية لهذا الموقع منذ عام 2018 عندما أجرى الباحثون أول مسح له سيرًا على الأقدام، واعتقدوا حينها أن الموقع لا يتجاوز كونه بقايا جدران عتيقة متناثرة، إلا أن تطور التكنولوجيا غيّر مجرى القصة جذريًا، إذ جرى تحليل آلاف الصور الجوية الدقيقة التي التقطتها الطائرات المسيّرة بالإضافة إلى إنشاء نماذج طبوغرافية رقمية عالية الدقة لذلك تبين أن الأطلال المبعثرة تخفي مجمعًا دفاعيًا ضخمًا يعود إلى أواخر العصر البرونزي وبداية العصر الحديدي.
تصميم هندسي متقدّم ودلالات اقتصادية واجتماعية
كشفت الدراسات الميدانية أن الحصن يتكون من جدارين دفاعيين، داخلي وخارجي، تم تشييدهما من صخور ضخمة متماسكة بمونة قوية، ويبلغ سُمك كل جدار حوالي مترين، وتجاوز طول الجدار الخارجي الكيلومتر الواحد ليحيط بمساحة بمبانٍ حجرية وفضاءات مفتوحة في مشهد معماري استثنائي، لذلك ترجح التحليلات أن الموقع كان مركزًا استراتيجيًا متعدد الاستخدامات لا يقتصر على الدفاع العسكري فقط، بل امتدت وظيفته للأغراض الاقتصادية والزراعية، فضلاً عن كونه محطة عبور موسمية للقبائل الرعوية العابرة.
مكتشفات أثرية تروي حكاية الحياة القديمة
عثر الباحثون داخل الحصن على أدوات فخارية وعظام حيوانات إلى جانب أدوات زراعية متنوعة، مما يشير إلى نشاط حياتي متنوع وحضارة ضاربة القدم، في المقابل أظهر القسم الخارجي للموقع قلة الاكتشافات الأثرية، وهو ما يدعم فرضية أن الاستيطان في هذا الجزء كان موسميًا ويخضع لتحركات القبائل عبر الأزمان.
الربط بين الماضي والحاضر عبر صور الأقمار الصناعية
لم تقتصر الجهود البحثية على بيانات الطائرات المسيّرة الحديثة فقط، حيث استعان العلماء أيضاً بصور أقمار صناعية أمريكية تعود إلى فترة الحرب الباردة، والتي تم الكشف عنها عام 2013، مما سمح لهم برصد التغيرات الزمنية التي طرأت على الموقع عبر عقود طويلة، لذلك أتاح الدمج بين هذه المصادر فهماً أشمل لتطور الحصن وعمقه التاريخي.
تكنولوجيا العصر الحديث تعيد كتابة التاريخ القديم
يشدد الباحثون على أن هذا الإنجاز الأثري يجسد كيف يمكن للتقنيات الحديثة أن تغير نظرتنا للتاريخ، حيث يتيح المزج بين الذكاء الاصطناعي والبيانات الأثرية التاريخية نافذة جديدة لفهم الأزمنة القديمة بشكل أعمق وأدق.
آمال معلقة على مزيد من الاكتشافات الأثرية في المنطقة
ورغم أن أعمال التنقيب ما زالت في بدايتها، يتوقع العلماء اكتشاف آلاف القطع واللقى الأثرية التي ستسهم في رسم صورة أوضح للحياة الاجتماعية والاقتصادية لسكان تلك المنطقة عبر العصور، بالإضافة إلى الإجابة عن سؤال محوري حول ما إذا كانت هذه القلعة هي حقاً مدينة مركزية أم مجرد ملتقى موسمي للقبائل الرحّل في تلك المرحلة الزمنية الغامضة.